أنتَ ككل الرجال تستطيع مواجهة حرب، بجواسيسها و دسائسها و غيلتها، لكنك لا تستطيعُ الصمود أمام سرّ نسويّ واحد
تقتلك الأسرار التي تحملها أنثى.. أنثى تكنت بك و دُثّرت بلقب امرأتك
فجأة يُصبحُ ذلك الدثار لقباً فضفاضاً لامرأة تزعُمُ أنتَ أنها تراك “باب خيش !!!”
في الحقيقة هي رأتكَ كل حياتها، و رأيتها قطعة أثاث.. و استثمرت فيكَ كل أحلامها فهويتَ برأسِ مالها إلى فقرٍ مدقع، لم يعد معه لقبُ امرأتكَ كافياً لتدفئة قلبها .. فكانَ عليها أن تُفضّل الموتَ ثائرة على أن تموتَ برداً
أنتَ رجلٌ يختارُ لعشقه امرأتين احداهما ليست له زوجة، أنظرُ اليومَ لوجنتي و أرى أن أجملَ مساحة فيها كانت المساحة المزرقة ..
ربما لأنك في حياتنا الصماء نطقتَ بكلمة، أنك تركتَ على خدي علامة تذكرني بأنك تغار عليّ
بائساتٌ نسوةُ الصمت و الطاعة، أقسم بأنهن يتمنينَ أن يلعبنَ بالنار مرة ! كنتُ أعد نفسي لجنازة أنا التي نقشتُ نعشها، دونَ تخطيط مسبق ..
لو كنتُ اعرف بأنني سأحول من جلسة عصرٍ أنا فيها المرأة السلبية الصموت إلى هاوية سحيقة لم ألتقط منها أنفاسي بعد
لأعددتُ لنا فراقاً أفضل..
ربما رحلتُ كما أنا جميلة أمامك بسجل ناصع البياض لا أثرَ فيه لحبيبٍ مزعوم،
ربما بخد متورد و بقلبٍ ينزف فراقك ..
و بهدوء قاتل اقطعُ الأوردة، بجروح نظيفة، و بدقة جراح .. اترك بيننا جثة اثني عشرَ شهراً، قتَلتَهم يوماً بعدَ يوم و حاولتُ أنا تحنيطهم أوسمة على صبري !
كانت سنة جميلة يا عزيزي، كنتُ اصرُ على ترك اثم الاحتفال بها طلباً للتوفيق في بقية العمر معك، لكنَ ذنوبك قطعت حبالي للسماء .. و محقت بركة كنتُ أرجوها.
مرت ثلاثُ ساعاتٍ منذُ خرجتَ من هذا الباب الأسود الماثل أمامي، و كأنما ابتلعك ..
في لحظة ما و كأنَ دائرة هذا الانتظار الجهنمي قد كُسرت، فتحَ البابُ فمه و مررتَ منهُ بصعوبة..
حينما رأيتكَ كدتُ أشهقُ بالبكاء، كنتَ غيرَ الوغد الذي عرفته.. ناديتني بكلمة: استعدي سأنزلك عندَ أهلك
نهضت من مكاني، سحبتُ عبائتي و تبعتُكْ ..
خرجنا إلى الشارع، كان البرد لافحاً، و لم أحمل معي شيئاً .. و لا حتى حقيبة، لم أفكر كثيراً بالعذر الذي سأسوقه لمجيئي في هذه الساعة، و لا إلى خدي الذي يشير لمصيبة !
كنتُ أقلبُ بصري بينَ الطريق و أصابعك، حاولت مراراً أن أنظرَ لوجهك، أن أقرأ عينيك .. و لكنني لم استجمع شجاعتي
و كأنما بددها البرد ..
عندما وصلنا استقبلنا أبي في مجلسه، حيثُ كانَ ابناء اخوتي يلعبونَ بالورق، لم تكن غريباً فينصرفَ الصغار، حياكَ أبي.. ثمَ سلمَ عليّ و استفهمَ عن خدي بنظرة فزع.. نظرتُ لعينيه فذابَ قلبي..
كنتُ أعرف أنك ستنسحب لكن بمَ ستعتذر.. ما كدتُ التفت إليك لكي تنقذني من أسئلته الأبوية الملتاعة حتى أخذتني لصدرك بغتة ! و كأنكَ توشم الوجع عطراً يُعذبُ كلٌ منا رفيقه به ..